فاطمة

“ميزون داريان”: هو ذلك الخيط الذي يرشدك إلى طريق الاستقلال الذاتي كما هو الأمر في الأسطورة الإغريقيّة. في عام 1998، وصلت مع أولادي إلى دار “ميزون داريان” طالبة الحماية وسعيًا إلى ترميم حياتنا.
هناك لاقيت استقبالًا من دون أحكام مسبقة ووجدت جوًّا من الأمان وفرصة للمشاركة في ورش عمل ما زالت تساعدني على إحداث تغيير إيجابي في حياتي. لقد تمكّنت من مواجهة الصعاب بفضل فريق دار “ميزون داريان” الذي استمر دعمه لي بالرغم من مرور السنين. هذه هي رسالة الأمل التي أودّ أن أشارككنّ إيّاها.”

شاديا

” لن أنسى ذاك اليوم الذي تحرّرت فيه من سيطرة زوجي السابق المعنّف وتسلّطه. على مدى سنين، كنت أبكي وأرتعش خوفًا وقد وقعت أكثر من مرّة.
ذاك اليوم، قرّرت أن أصمد في وجهه للمرّة الأولى والأخيرة. قرعت بابه لكي استلم ابنتي التي لم يجلبها لي حسب الاتفاق. انتصبت مستقيمة ونظرت إليه مباشرة في عينيه. في الظاهر كنت أبدو هادئة، رابطة الجأش لكنّ قلبي كاد يقفز من صدري خوفًا. هو الذي غضّ بصره. هو الذي احنى كتفيه. لم يتمكّن من مواجهة نظرتي الحازمة. ولم أجد قط ضرورة في تدوين ما قلته له يومها لأنّ كلماتي محفورة في ذاكرتي وستبقى محفورة إلى نهاية عمري.

لقد قلت بصوت هادئ: “لا يعلو أحدٌ على القانون”. لا يجوز لي ألّا أتقيّد بالقانون كما لا يجوز لك عدم التقيّد به. وأعلمك أنّك لن تتحكّم بعد الآن بحياتي ولن يكون لك سلطة عليها. أنا وحدي من يقرّر مصيري ولا أحد غيري. لم أعد أخاف منك.” ومع أنّه استشاط غيظًا، لم يتمكّن من زعزعة تصميمي.

ثم مسكت ابنتي من كتفيها وذهبنا. ذاك اليوم، تخلّصت من ثقل كان يرهق كاهلي وفردت جناحيّ وانطلقت!!!”

نجاة

“بعد عشرة أعوام من الزواج، هجرت زوجي لأنّني لم أعد أشعر بأيّ سعادة في علاقتي معه ولأنّني كنت أجده غضوبًا وغيرَ مبالٍ. وكانت هذه بداية العنف الملموس من مضايقات وتخويف وتعديات وإساءات. وبما إنّي كنت بعيدة عن أسرتي وأشعر بالعار، التزمت الصمت. ويومًا ما وفي حين كنت منفردة في منزلي، رأيت إعلانًا من SOS VIOLENCE (طلب الاستغاثة لمواجهة العنف). فكانت هذه أوّل علاقة لي مع دار “ميزون داريان” وأوّل يدّ تُمدّ إليّ. التقيت هناك بنساء يواجهن تجارب مماثلة: لم أعد وحيدة في محنتي.

بفضل ما تعلّمته في دار “ميزون داريان” وما حصلت عليه من دعم هناك، زاد فهمي للأمور وزادت قدرتي على حماية نفسي. الآن وقد مرّت أربع سنوات، ما زلت منفصلة عن ذاك الرجل. أمّا الخطر فما زال قائمًا إنّما لم أعد أشعر بالعار وأنا الآن أناضل من أجل حماية أولادي الذين ما زالوا معرّضين “لمزاجيّة” والدهم.”

‫نيكول‬

« ذاك اليوم ومن دون أيّ خدش وبقلب يخفق بقوّة سمعت نفسي أقول على الهاتف: الآن الآن وليس غدًا. وهنّ فهمن.
هل هو ضربٌ من الشجاعة أو من اليأس؟ بالرغم من هذا المرض الخبيث وبالرغم من حساب مصرفي فارغ وبالرغم من الجائحة وما فرضته من حجر منزلي، غادرت أخيرًا من كنت أحبّهم منذ عشر سنوات أكثر ممّا أحبّ نفسي.
وجدت مكانًا آمنًا استُقبلت فيه من دون محاسبة، بهدوء وحفاوة وابتسامات ومعقمّات بوريل. وأتيحت لي الفرصة أوّلًا لأرتاح.
التقيت بمن يستمع إليّ ويصغي لي ويعترف بي ويقدّم لي المعلومات ويؤيّدني ويشجّعني ويوجّهني بكلّ احترام ومودّة، بين ضحك وبكاء.
إنّهن ملائكة دار “ميزون داريان” الساهرات اللواتي كنّ يعرفن ويفهمن تلك الأسرار التي كانت تثقل قلبي خجلًا.
بالرغم من الخوف والتعب والقلق، أعرف أنّني أحسنت عندما أبديت انفتاحًا وأودعتهنّ ثقتي.
اليوم، وقد بلغت السادسة والخمسين من العمر، وبعد أن مرّ عامان على قراري، أعرف أنّي فعلت عين الصواب. شيئًا فشيء، أفتح أبوابًا لم أدرك وجودها في قرارة نفسي.
أمّا أنتِ، فحتى لو كنت تشكّين في أن يكون هذا مكانك، وحتى لو كنت تشكّين في أنّك السبب في العنف الذي يمارس بحقك مع أنّ هذا العنف غير مبرّر ومتعمّد، وحتى لو قيل لك إنّك أنت الشخص العنيف، إنّ القرار قرارك. إذ لا يستحقّ أحدٌ أن يعيش في مثل هذه الحالة. »

ليندا

« لمدّة طويلة من الزمن، اضطررت إلى محو أثر زياراتي على هذا الموقع. أمّا اليوم فأتركها عمدًا على أمل أن أساعد نساء أخريات.
بعد 33 عامًا من العيش معًا، قرّرت أن أغادر منزلي مع أولادي تاركةً ورائي عبارات اللوم والأكاذيب والنفاق والتحقير والتهديد. سئمت مجرّد الوجود. كنت أريد أن أعيش بكلّ ما للكلمة من معنى. كان يسيطر على حياتنا إلى حدّ أنّه وضع أجهزة تصوير وتنصّت. بل وتعقّب هاتف إحدى بناتنا. الآن وقد غادرنا المنزل، بتنا نستطيع أن نتنفّس وأن نعيش. لم أعد أخافه. عليّ الآن أن أضمّد جراحي وجراح أولادي قبل أن ننطلق!
أشكر العاملات الاجتماعيات. بفضلكّن نخرج من هذه الدار قويّات وقادرات. ونمسك من جديد بزمام حياتنا. في دار “ميزون داريان،” نشعر بالأمان. فيه من يصغي إلينا وينصحنا. نتلقى دعمًا جيّدًا. نفهم معنى ما نعيشه. لا نشعر بالوحدة. في ذاك الدار، نجد سندًا ونتعرّف على حقوقنا حتى نتمكّن من حماية أنفسنا بصورة أفضل »